responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 338
وَجِيءَ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ رَجَاءَهُمْ رَحْمَةَ اللَّهِ لِأَجْلِ إِيمَانِهِمْ وَهِجْرَتِهِمْ وَجِهَادِهِمْ، فَتَأَكَّدَ بِذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْمَوْصُولُ مِنَ الْإِيمَاءِ إِلَى وَجْهِ بِنَاءِ الْخَبَرِ، وَإِنَّمَا احْتِيجَ لِتَأْكِيدِهِ لِأَنَّ الصِّلَتَيْنِ لَمَّا كَانَتَا مِمَّا اشْتُهِرَ بِهِمَا الْمُسْلِمُونَ وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ صَارَتَا كَاللَّقَبِ إِذْ يُطْلَقُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ فِي لِسَانِ الشَّرْعِ اسْمُ الَّذِينَ آمَنُوا كَمَا يُطْلَقُ عَلَى مُسْلِمِي قُرَيْشٍ يَوْمَئِذٍ اسْمُ الْمُهَاجِرِينَ فَأَكَّدَ قَصْدَ الدَّلَالَةِ عَلَى وَجْهِ بِنَاءِ الْخَبَرِ مِنَ الْمَوْصُولِ.
وَالرَّجَاءُ: تَرَقُّبُ الْخَيْرِ مَعَ تَغْلِيبِ ظَنِّ حُصُولِهِ، فَإِنَّ وَعْدَ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ لَا يُخْلَفُ فَضْلًا مِنْهُ وَصِدْقًا، وَلَكِنَّ الْخَوَاتِمَ مَجْهُولَةٌ وَمُصَادَفَةُ الْعَمَلِ لِمُرَادِ اللَّهِ قَدْ تَفُوتُ لِمَوَانِعَ لَا يَدْرِيهَا الْمُكَلَّفُ وَلِئَلَّا يَتَّكِلُوا فِي الِاعْتِمَادِ عَلَى الْعَمَلِ.
[219، 220]

[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 219]
يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما وَيَسْئَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (219)

[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 220]
فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (220)
يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما.
اسْتِئْنَافٌ لِإِبْطَالِ عَمَلَيْنِ غَالِبَيْنِ عَلَى النَّاسِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَهُمَا شُرْبُ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرُ وَهَذَا مِنْ عِدَادِ الْأَحْكَامِ الَّتِي بَيَّنَهَا فِي هَاتِهِ السُّورَةِ مِمَّا يَرْجِعُ إِلَى إِصْلَاحِ الْأَحْوَالِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا النَّاسُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَالْمَشْرُوعُ فِي بَيَانِهَا مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى [الْبَقَرَة: 178] إِلَى آخِرِ السُّورَةِ، عَدَا مَا تَخَلَّلَ ذَلِكَ مِنَ الْآدَابِ وَالزَّوَاجِرِ وَالْبَشَائِرِ وَالْمَوَاعِظِ وَالْأَمْثَالِ وَالْقَصَصِ عَلَى عَادَةِ الْقُرْآنِ فِي تَفَنُّنِ أَسَالِيبِهِ تَنْشِيطًا لِلْمُخَاطَبِينَ وَالسَّامِعِينَ وَالْقَارِئِينَ وَمَنْ بُلِّغَ، وَقَدْ تَنَاسَقَتْ فِي هَذِهِ الْآيَةِ.
وَالسَّائِلُونَ هُمُ الْمُسْلِمُونَ قَالَ الْوَاحِدِيُّ: نَزَلَتْ فِي عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَنَفَرٍ مِنَ الْأَنْصَارِ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفْتِنَا فِي الْخَمْرِ فَإِنَّهَا مُذْهِبَةٌ لِلْعَقْلِ مُتْلِفَةٌ لِلْمَالِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، قَالَ فِي «الْكَشَّافِ» : فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ تَرَكَ الْخَمْرَ قَوْمٌ وَشَرِبَهَا آخَرُونَ ثُمَّ نَزَلَتْ بَعْدَهَا آيَةُ الْمَائِدَةِ [90] : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ.
وَشُرْبُ الْخَمْرِ عَمَلٌ مُتَأَصِّلٌ فِي الْبَشَرِ قَدِيمًا لَمْ تُحَرِّمْهُ شَرِيعَةٌ مِنَ الشَّرَائِعِ لَا الْقَدْرَ الْمُسْكِرَ بَلَهُ مَا دُونَهُ، وَأَمَّا مَا يَذْكُرُهُ عُلَمَاءِ الْإِسْلَامِ إِنَّ الْإِسْكَارَ حَرَامٌ فِي الشَّرَائِعِ كُلِّهَا فَكَلَامٌ لَا شَاهِدَ لَهُمْ عَلَيْهِ بَلِ الشَّوَاهِدُ عَلَى ضِدِّهِ مُتَوَافِرَةٌ، وَإِنَّمَا جَرَّأَهُمْ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ مَا قَعَّدُوهُ فِي

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 338
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست